أصدرت دارة الملك عبدالعزيز وضمن اهتمامها بأدب الحج وتوثيقاته أول ترجمة باللغة العربية لنص مخطوطة خُطَّت في الأصل بلغة (الألخميادو) الخاصة بالموريسكيين (المسلمين في إسبانيا) ثم ترجمت إلى اللغة الإسبانية بعنوان (رحلة عمر بَطُّون) وهي خاصة برحلة حجه ورفيقه محمد دِلْ كُرَّال من مدينة آبلة الإسبانية ذات الأقلية المسلمة الكبرى في إسبانيا إلى الأماكن المقدسة التي استغرقت أربع سنوات ( 896 ـ 900هـ /1491 ـ 1495م) ومرت بثمان مدن في ست دول عربية، نتيجة ضياع الرحلة وطول التجوال في أصقاع متباينة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط عاشا خلالها تجارب استثنائية، وتناولت مخطوطتهما وصف المواضع والمشاعر والصعوبات والأخطار التي اكتنفت هذه الرحلة، كما وصفت الحياة والمشاعر في شهر رمضان المبارك، حيث وصلت الرحلة منتصف شهر شعبان، ووثق المؤلف أداءه للحج باليوم والمكان حسب المذهب المالكي، كما قدم إحصاءات رقمية لأطوال ومساحات مكونات الحرم وأجزائه ومنها الكعبة المشرفة.
وأرجعت المترجمة باهرة عبداللطيف ياسين هذا العمل إلى صدى الجهود التي قام بها إدواردو ساييدرا ( Eduardo Saavedra) عام (1295هـ /1878م) في عمل كشَّاف للمخطوطات والكتابات المحفوظة بلغة الألخميادو حتى ذلك الحين، وأوضحت أن الترجمة لنص المخطوطة وليس دراسة نقدية تاريخية أو لغوية لها، كما اعترفت بصعوبة هذه الترجمة لكون عمر بطون كتبها بلغة أقليته مع بعض من اللغة العربية ما صعَّب في إعادة التماسك لها، فضلًا عن بعض الأخطاء اللغوية والتاريخية، كما وصفت المترجمة بعض أجزاء المخطوطة في شروحات الترجمة ب " المتدهورة " وهذا يعكس جهدها المضني في الوصول إلى النص العربي، ويدلل على القيمة العلمية التي دعت دارة الملك عبدالعزيز إلى نشر هذه الترجمة الأولى وضرورتها البحثية في رفد تاريخ الحج والحرمين الشريفين.
والكتاب الجديد الذي درسه مجموعة من الباحثين الإسبان المهتمين بتراث آبلة يتكون من جزأين؛ الأول عن ما كتبه عمر بطون عن المسلمين القشتاليين (المسلمين من غير الأندلسيين) في أواخر العصر الوسيط من حيث تطبيقاتهم للتعليمات الإسلامية ومحافظتهم على العادات النابعة منها، وعلاقتهم السياسية والاقتصادية بمسيحي إسبانيا، أما الجزء الثاني فهو ترجمة حرفية لنص المخطوطة.