بدأ استخدام العملات في التعاملات التجارية وعمليات البيع والشّراء وتبادل السّلع في الجزيرة العربية منذ ما قبل التاريخ، وقبيل العهد السعودي كانت الجزيرة العربية تعيش في اضطراب سياسي شديد منع تشكيل أي وضع سياسي مستقر لمدة قرون من الزمن، وتبع ذلك انهيار اقتصادي تام، بحيث كانت المقايضة هي الوسيلة الأكثر شيوعًا في التعامل التجاري، في ظل انعدام للكيانات السياسية التي تستطيع أن تنشئ نظامًا ماليًا ينظم إنتاج وتداول العملة.
الطويلة
اعتمد سكان الجزيرة العربية في ذلك الحين على استخدام عملات متعددة من أجل تيسير التعامل بين التجار، وكانوا يتعاملون بالعملات المتوفرة حينها في المناطق المجاورة، كما كان هناك اجتهادات لسك عملات محلية أبقى لنا التاريخ ذكر إحداها وهي عملة (الطويلة) أو (طويلة الحسا) وتعد من أقدم العملات التي جرى تداولها، وهي عملة محلية مسكوكة من النّحاس واستخدمت على نطاق محلّي في عهد الدولة السعودية الثّانية، وقد عثر على إحداها في محافظة الهفوف وترجع لعام 757م، ولها فئات ذهبية وفضية وبرونزية وشكلها مميز عن باقي العملات، فهي تشبه مشباك الشعر أو الملقط.
العملات الأجنبية
كان السائد في التعاملات المالية في الجزيرة العربية استخدام العملات الأجنبية لعدم وجود دور لسك العملات فيها، فكثر استعمال عملة (ريال ماريا تيريزا) ويحمل صورة الملكة تيريزا وهي إمبراطورة النمسا ويعرف محليًا باسم (الريال الفرانسي)، واستخدم في كل أنحاء الجزيرة العربية وهو أكثر شعبية من غيره لأنّه من الفضة الخالصة، وكانت (الروبية الهندية) سائدة في سائر مناطق الخليج والأحساء وفي وسط نجد، وانتشرت بين التجار خاصة الذين يتعاملون مع بلدان الخليج العربية، كما استُخدِم (الجنيه الإنجليزي الذهبي) وأطلق عليه السكان (جنيه جورج) و(جنيه أبو خيَّال)، كذلك كان السكان يستخدمون (الريال المجيدي)، والقروش المصرية ونقود بعض الدّول المجاورة في الجزيرة العربية، ونقود دول شرق آسيا خاصة نقود الهند الشرقية، أو ما يعرف حاليا بإندونيسيا.
الريال العربي
أول تنظيم للوضع النقدي في المملكة العربية السعودية كان بصدور أمر الملك عبد العزيز المنشور في الجريدة الرسمية (أم القرى) في العدد (160) وتاريخ 13/7/1346هـ (9/ 1/ 1928م)، حيث تضمن كثيرا من المواد التي رسمت السياسة النقدية للدولة، وبصدور هذا النظام النقدي الجديد أصبح لزاما على الجميع التعامل بالريال السعودي، ونبذ ما سواه من النقود الأخرى، الأمر الذي تطلب إعادة سكه مرة أخرى سنة (1930م) بجميع فئاته ووفق مواصفاته السابقة عدا سنة سكه، حيث طرح للتداول وفق معيار صرفه من القروش الحجازية النجدية التي أعيد سكها هي الأخرى خلال تلك السنة بجميع فئاتها، وطبقا لمواصفاتها السابقة عدا تاريخ سكها وجرى اعتماد الريال العربي الفضي عملة رسمية للبلاد ووقف التعامل بالعملات الأخرى، وفي عام 1354هـ (1935م) جرى سك ريال فضي جديد تحت اسم المملكة العربية السعودية، وسكت أجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال وذلك بعد أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من توحيد أجزاء البلاد المتناثرة وتحويل البلاد من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وتقرر استخدام لقب (ملك المملكة العربية السعودية) بدلا من لقب (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها).
مؤسسة النقد العربي السعودي
وللحاجة إلى إخضاع النظام النقدي السعودي إلى العمل المؤسساتي المنظم نظرا لعدم وجود سلطة نقدية مركزية، تحكم وتنظم إصدارات الدولة من النقود التي كانت تسك خارج البلاد، وترد على دفعات، أو بشكل غير منتظم، فقد أدى إلى تدني قيمة صرف الريال الفضي السعودي، كذلك أدى إلى حدوث فارق كبير لا يتمشى مع قيمة الريال كمعدن في السوق العالمية، الأمر الذي دفع بكثير من الصيارفة إلى القيام بتهريبه خارج البلاد وبكميات كبيرة خاصة إلى أسواق الهند التي شكلت منطقة جذب لهم، وهنا رأى الملك عبد العزيز أنّ البلاد بحاجة ماسة إلى وجود جهاز مصرفي يتولى إدارة دخل الحكومة الذي يشهد تناميا مطردا، بفضل الدخل المتزايد من الصادرات النفطية، كما يتولى تنظيم الأوضاع النقدية التي تعاني اضطرابا كبيرا، بسبب التقلبات الحادة لأسعار معدني الذهب والفضة، اللذين يشكلان العمود الفقري لعملة الدولة، فأصدر -رحمه الله- في عام 1371هـ (1952م) أوامره بإنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي، ويكون مقره في جدة، ثم انتقل إلى العاصمة الرياض، وكان الإصدار الأول للعملات النقدية الورقية الرسمية بموجب نظام النقد الصادر في المرسوم الملكي في عهد الملك سعود بن عبد العزيز.
ومنذ ذلك العهد استمر سك وطباعة الرياض السعودي وتتابعت إصداراته مع كافة ملوك المملكة العربية السعودية.