(الرقمنة: للأبد) شعار يوم الحفظ العالمي ومنهج الدارة

 

يعد الحفظ الرقمي مصدرًا رئيسًا لانتقال البيانات والمعلومات والمعارف في عصرنا الحالي والمستقبل المنظور، ونظرًا لهذه الأهمية البالغة تقام في كل عام احتفالية اليوم العالمي للحفظ الرقمي (2020WDPD) في أول خميس من شهر نوفمبر الذي يصادف هذا العام 1442/3/19هـ / 2020/11/2م، ويشرف عليها تحالف الحفظ الرقمي digital preservation coalition، وكان موضوعه هذا العام (الرقمنة: للأبد)، ويهدف إلى خلق وعي أكبر بالحفظ الرقمي الذي من شأنه أن يُترجم إلى فهم أوسع يتخلل جميع جوانب المجتمع، كالأعمال التجارية ووضع السياسات العامة والممارسات الشخصية المفيدة، وفي هذا العام جرى التأكيد على العمل الجاد والمرونة والاستجابة التي تمكن من حفظ بيانات البحث والتطوير المستخدمة في العثور على لقاح لـ (COVID-19) ومشاركتها ودراستها.

وتعد دارة الملك عبدالعزيز من أبرز المؤسسات الثقافية والعلمية في المملكة العربية السعودية التي أولت عملية الحفظ الرقمية جل اهتمامها وعنايتها، وذلك للعدد الهائل من المواد التاريخية المتوافرة لديها كالوثائق والمخطوطات والصور والأفلام والكتب، بحيث استطاعت الحفظ الرقمي لما يقارب (300) تيرابايت من المواد المختلفة، حيث اعتمدت في ذلك على سلسلة من السياسات والإجراءات والإستراتيجيات اللازمة لضمان استمرار إمكانية الوصول إلى المواد الرقمية المعاد تشكيلها، وذلك ضمن العديد من المبادرات المتمثلة في مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية، ومشروع رقمنة الوثائق، وأرشيف الصور والأفلام التاريخية، ووحدة المخطوطات المحلية، ومركز التاريخ الشفوي، والمركز السعودي للحفظ الرقمي، ويضاف إلى ذلك مشاركة الدارة في المكتبة الرقمية العالمية التي تعد ضمن مبادرات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، بالتعاون مع مكتبة الكونغرس، كما تشمل إنجازات الدارة لهذا العام معالجة وترميم أكثر من (566) بكرة سينمائية وصوتية، وما يعادل (12000م) طول، وتحويلها إلى صيغ رقمية بجودة عالية 4K.

وتراعي الدارة في عمليات الحفظ الرقمي العديد من المعايير لضمان جودة التنفيذ؛ فهي تحرص على التأكيد على أصالة المادة المرقمنة، وشموليتها بحيث يتم ربطها بسياقها من المواد الأخرى ذات الصلة، كما تهتم بمسألة الإتاحة ليمكن الاستفادة منها بالترافق مع شرح المادة للمستفيد، وتعمل الدارة كذلك على أن تكون المادة المرقمنة قابلة للاستخدام تقنيًّا بحيث يمكن اختيارها والاطلاع على محتواها حسب مواصفات متناسبة مع الغاية من حفظها، وتهتم أيضًا باستعمال وإتاحة المواد التاريخية المرقمنـة علـى المدى الطويل، ذلك أن تسارع تطور المعدات، وصيغ الملفات، والبرمجيات، تتسبب في عدم إمكانية قراءة المحتوى، وذلك خلاف الحفظ للوثائق والصور والأشرطة التقليدية التي تقتصر على صيانة وعاء الحفظ فقط، كما تهتم الدارة بتأمين إمكانية قراءة المادة المحفوظة للرجوع إليها واستنساخها للاستعمال في جميع المجالات المتاحة، لذلك تعمل الدارة على إستراتيجية العناية المستمرة لمتابعة المصادر الرقمية التي تتضمن إدارة المحفوظات الرقمية ووضعها في وسائط ومواقع مأمونة يعتمد عليها والقيام بالفحص والنسخ الاحتياطي بصفة دوريّة، ويعتمد العمل الرقمي في الدارة كذلك على نقل المحفوظات الرقمية بشكل دوري إلى وسائط أحدث لتلافي قِدم وسائط الحفظ وتلفها.

ونظرًا للأهمية القصوى لأمن المعلومات تعمل الدارة على تأمين المواد الرقمية المحفوظة لديها من كل ما يهددها من اختراقات أو انتهاك لمحتواها، كما تتبنى إستراتيجية الإنقاذ الرقمي باستخدام الأساليب والإجراءات المتضمنة إنقاذ المحتوى من البرامج المدمرة والقديمة، يضاف إلى ذلك قيام الدارة بتهيئة بيئة مناسبة للحفظ لتأمين وسائط الحفظ في شكلها النهائي وحمايتها من التلف حيث إن تلك البيئة يجب أن تخضع لمعايير تراعي درجة الحرارة والرطوبة التي تضمن بقاءً أطول لوسائط الحفظ.