أول رحلة للملك عبدالعزيز إلى مكة.. عمرة وبلاغ سياسي مهم


كان لأول رحلة ملكية قام بها الملك عبد العزيز إلى مكة المكرمة قيمتها في بناء الدولة الحديثة وتوطيد أواصر الحكم في المملكة العربية السعودية، حيث بدأت في 13 ربيع الثاني 1343هـ الموافق 10 نوفمبر 1924م، مغادرة الجمال وعلى ظهورها العدة والعتاد من الرياض إلى الدرعية واستغرقت المسافة 4 ساعات حيث وصول الملك عبدالعزيز للدرعية وتوديع أبنائه الأمراء وامتطاؤه راحلته وإصدار أمره ببدء الرحلة على الدواب "الجمال".

أداء مناسك العمرة
واشتملت مراحل الرحلة التي أبرزتها دارة الملك عبدالعزيز في "infographic" مصحوبًا برسومٍ توضيحية، على كتابة الملك عبدالعزيز للحواضر والهجر لملاقاته براياتهم على الطريق للانطلاق نحو مكة المكرمة التي أرسل إلى أهاليها وفدًا لإبلاغهم بقدومه، وكان ذلك في 25  ربيع الثاني 1343هـ الموافق 22 نوفمبر 1924م، كما استقبل "المؤسس" خلال الرحلة الوفود الذين قدموا للسلام عليه في 5 جمادى الأولى 1343هـ الموافق 2 ديسمبر 1924م، ثم إحرامه ورجاله من الميقات "السيل" لتأدية مناسك العمرة في 7 جمادى الأولى 1343هـ الموافق 4 ديسمبر 1924م.

20 موقعاً
وأضاءت هذه الرحلة المزيد من جوانب شخصية جلالة الملك عبد العزيز ومن خلال وصف مسيرة هذه الرحلات، وما تضمنته من عناصر، يتضح حرص جلالته على التزود بالعلم أثناء سفره، ودقة برنامجه، حيث شمل طريق هذه الرحلة الملكية عدة مناطق وقرى استهلت بالرياض، الدرعية، الجبيلة، العيينة، الغزيز، مَراة، خف، هضبة المصلوخة، مرورًا بالشعراء، ووادي الرشاء، المصلوم، الحنابج، آبار سجا، جبل حبر، فيضة العيينة، الدفينة، قبا، مرَّان، عشيرة، السيل الكبير، وصولًا إلى مكة المكرمة.

دقة التنظيم
واتسمت الرحلة بدقة التنظيم بداية من طلب الملك عبدالعزيز الرواحل قبل ساعة من مسيره، وبعد سير الرايات بأربع دقائق ركب الملك عبدالعزيز راحلته مع حاشيته، حيث كانت راحلته في المنتصف والركب عن يمينه وشماله، وأمامهم الراية ، ليقرأ عند منتصف الليل عبدالله العجيري آيات من القرآن الكريم، وعلق عليها الملك عبدالعزيز بتفسير تلك الآيات ومعانيها، كما كان العجيري يؤذن وقت صلاة الفجر وهم ركوب ثم ينزلون ويصلون الفجر.

المعشى والتصفير
وانفرد الملك عبدالعزيز خلال الرحلة بقراءة ورده عند ظهور الصباح من القرآن الكريم والسنة النبوية وفعل ذلك بقية الركب، وينادي المنادي: المعشى.. المعشى "استراحة قبيل غروب الشمس لتناول العشاء، وعند منتصف الليل ينادي المنادي: صفر.. صفر "التصفير هو النزول منتصف الليل"، ويقسمون رجال الركب إلى جماعات تسمى خبرة لها مؤنها وخيامها ولوازمها، وهناك تنصب الخيام للركب في مسافة لا تقل عن الكيلومتر أو زيادة.

المؤلف المرافق
كما جسد كتاب "الرحلات الملكية.. رحلات جلالة الملك عبد العزيز إلى مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة والرياض المنشورة في جريدة أم القرى1343 – 1346هـ" من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز للمؤلف يوسف محمد ياسين النماذج الرائعة والدروس المستفادة من "المؤسس" وتعامله مع رفاقه وحاشيته، والتنظيم المستمد من شخصيته كقائد ملك الحكمة وتصريف الأمور، فيما حظي المؤلف بثقة الملك عبدالعزيز، ورافقه خلال هذه الرحلة الملكية الأولى إلى مكة المكرمة وهناك أصدر جريدة أم القرى الرسمية وكان أول رئيس تحرير لها، وفي عام 1930م عينه الملك عبد العزيز رئيسًا للشعبة السياسية في الديوان الملكي، وأضيف له منصب وزير دولة عام 1944م إلى جانب عمله مستشارًا في مجلس الملك الخاص وعضوًا في مجلس الوكلاء ورئيسًا للشعبة السياسية في الديوان الملكي وسكرتيرًا خاصًّا للملك عبدالعزيز ونائبًا لوزير الخارجية، وبعد وفاة الملك عبدالعزيز عمل مستشارًا للملك سعود، إلى أن توفي في مدينة الدمام عام 1962م ودفن في الرياض.

بلاغ سياسي
وواكب دخول الملك عبدالعزيز دخول مكة المكرمة، وبعد إصدار العدد الأول من جريدة أم القرى الجمعة 15 جمادى الأولى 1343هـ الموافق 12 ديسمبر 1924م، تم نشر بلاغ مكة الذي وزع بهذه المناسبة، والذي أوضح فيه أسس الدولة والمنهاج الذي سيسير عليه في الحكم.