د. فهد السماري في انطلاق منتدى التاريخ الوطني حان التغيير وإلا فقدنا أهميتنا كمؤرخين

دعا معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري أعضاء منتدى التاريخ الوطني إلى. البعد عن المجاملة الشخصية السائدة لدى البعض في مجتمع الباحثين والمؤرخين الحالي حتى نتقدم لخطوات جادة وحديثة في البحث العلمي، وذلك بهدف تجديد المدرسة التاريخية السعودية التي مضى عليها أكثر من قرنين.

وكان المنتدى التاريخي الوطني قد انطلق صباح اليوم السبت في الرياض بحضور عدد كبير من المؤرخين والباحثين الشباب المسجلين في عضويته من مختلف مناطق المملكة سعيًا لتجديد المدرسة السعودية في كتابة التاريخ الوطني الذي يعني - حسب معالي د. فهد السماري - تاريخ الأحداث في مختلف المجالات على أرض الوطن منذ أبعد نقطة زمنية ماضية في التاريخ القديم والإسلامي والحديث.
وقال معالي الدكتور السماري: إن المنتدى جاء بعد توجيه من مجلس إدارة الدارة لتطوير الدراسات التاريخية، ودعم المكتبة بمنتجات متميزة من حيث التحليل والمنهجية، فالمنتدى بأعضائه الشباب سيكون ساحة للنقاش والمحاورة مع النص التاريخي للإجابة عن أسئلة استجدت نتيجة الفراغات التي تركها رواد المدرسة في أثناء تأريخهم للأخبار ومجريات الأحداث، وبعد أن إنساق التاريخيون في الوقت الحالي خلف السرد لسهولته وجاهزيته وتأديته للواجب الأكاديمي وأيضًا لدى البعض للشهرة على حساب المحتوى الذي هو الأهم وبدونه لا توجد عملية التأريخ، وأكد أن: «واقع المدرسة التاريخية السعودية مؤلم ولا يتناسب مع أعماق وزوايا التاريخ الوطني»، وأشار المشرف العام على المنتدى في حديثه إلى أن الاتكال على المراجع السهلة لا المصادر المتنوعة والاقتصار عل الأفكار السهلة أسقط الدراسات والأبحاث في فخ التقليدية والتشابه في الكتب المطبوعة، ونزع من هذا النتاج الجدة والتحليل والعمق .


وقد عرَّف الدكتور فهد السماري المنتدى بأنه ليس جمعية تاريخية، ولا بتعارض مع أي جمعية مشابهة، وعن أهدافه الرئيسة قال: يهدف المنتدى إلى تفعيل الأفكار الجديدة، والنهوض بها أمام منهج دقيق ومتقيد، ومواجهة آفة النقل والتناسخ في المحتوى الواسعة حاليًّا، حتى يستطيع المنهج التاريخي الحديث مواكبة رؤية 2030 التي جددت في كل جوانب الحياة السعودية ما جعل مهمة المؤرخ أكبر. وأوضح أن دارة الملك عبدالعزيز لديها دراسة مستفيضة عن متطلبات الانطلاق نحو التغيير في المدرسة التاريخية بتوجيه من ولاة الأمر الحريصين على تطور المعرفة التاريخية في الوطن قوية ومفيد ومواكبة لاحتياجات اليوم، وقال معاليه: «إن التغيير لا يعني تخطئة السابقين ونقض جهودهم؛ بل هو رغبة حتمية في التجدد والتحديث لدعم الهوية الوطنية مثلما حدث في دول كبرى كثيرة».
وعن برامج المنتدى أشار الدكتور السماري إلى منتجات عدة منها تدشين منصة افتراضية لمناقشة الأفكار بين الأعضاء وتبادل الخبرات، كما أنها ستكون ساحة للصراحة الصارمة التي تقدم المصلحة العلمية الوطنية على الجانب الفردي، وستكون الدارة منسقًا ورابطًا بين الأعضاء»، وأضاف: « كما أن المنتدى سيتنقل بين مدن المملكة العربية السعودية مرتكزًا على موضوعات متفق عليها ومتناسبة»، كما سيستضيف أفكارًا وموضوعات مبتكرة، ومحاضرين مختصين أو من علوم أخرى داعمة من الداخل والخارج لتلاقح الأفكار ودعم البحوث والمنتجات التاريخية التقنية الجديدة.
وعن دور دارة الملك عبدالعزيز أكد معالي أمينها العام أنها مفعل للقاءات المنتدى بالتنظيم، وتزويد الأعضاء بالطفرات في الكتابة التاريخية على مستوى العالم، وتلبية طلبات المراجع والمصادر التاريخية وكل ما يسهل عمل المنتدى، أيضًا سيقوم باستجلاء آراء الأعضاء حول مؤتمر الدولة السعودية الأولى التي ستعقده الدارة قريبًا.


كما سيتبنى المنتدى شبكة للخبراء لوضع جميع الخبرات المتنوعة أمام أعضائه، وغيرها من وسائل التهيئة لتقوية مسيرة عمل المنتدى الأول من نوعه، فضلًا عن إفادة الدارة من الأعضاء في مشروعاتها المشتركة مع الجهات الحكومية من الوزارات والهيئات كنوع من التحديث والتطوير للعضو.
ونبه معالي الدكتور فهد السماري إلى وجوب الالتفات إلى الأسلوب القصصي والرواية واستثمار أسلوبهما التشويقي في التعزيز من الحدث التاريخي بدمجها معه إن تطلب الأمر، فضلًا عن وفرتها بكثرة في التاريخ الوطني
بعد أن يتخلص الباحث من النظرة الدونية للقصة أمام الأحداث التاريخية ومادية المكان، مشيرًا إلى أن المنتدى سيكون له دور كبير في هذا الجانب الغني متناغمًا ومستفيدًا من مشروع الدارة حول الرواية التاريخية الوطنية.


بعد ذلك تفاعل معالي الدكتور السماري مع مداخلات المنتدين التي تنوعت بين أفكار جديدة للعلاقة بين المنتدى وأعضائه ومقترحات للوصول إلى باحث عصري يتحرر من التقليد والمنهجية الجامدة في البحت.
وفي الفترة الثانية من هذا اللقاء التحضيري ألقى الدكتور تركي بن فهد آل سعود محاضرة بعنوان (نقاط مهمة في المنهج) أوضح فيها بعض الهفوات التي يقع فيها بعض طلاب الدراسات العليا يجب التوقف عليها للتوضيح ونقدها في بداية أعمال المنتدى، وأشار إلى نصائح في هذا الجانب منها عدم تعصب الدارس للتفسير الجديد الذي ينتجه والفهم البعيد للنص التاريخي والاستعجال ببناء الأطروحة الأكاديمية عليه إلا أن يطلع على كل النتاج الموجود، كما عرف المصدر التاريخي بأنه من شاهد بعينه الحدث أو شارك في صناعته مشيرًا إلى أن ما ينتج من غير المصدر مهم للدارس إلا أن المصدر أكثر مصداقية، وعن المراجع الإلكترونية قال: إنه يجب التأكد من أن كاتب النص الإلكتروني متخصصًا وليس موظفًا للصياغة أو الاختصار والأفضل للحيطة العلمية الكتاب المطبوع.
وأكد الدكتور تركي بن فهد آل سعود معارضته للدراسات المعتمدة على المقارنة لكونها لا محور رئيس لها، ولاختلاف الظروف الثقافية والاجتماعية بين طرفي المقارنة، لكنه لا ينكر أهميتها.
من جهة أخرى حذر من التعامل مع التفسير والرأي والانطباع بنفس المستوى مع الحقيقة التي هي ضالة الباحث.
بعد ذلك تفاعل المحاضر مع أسئلة وملحوظات الحضور من أعضاء منتدى التاريخ الوطني.