ندوة أكاديمية علمية تستعرض لمحات تاريخية عن الحج والطائف

أقام مركز تاريخ الطائف مساء يوم السبت ١٤٤٢/١٢/٧هـ ندوة عبر الاتصال المرئي بعنوان "الحج والطائف.. لمحات تاريخية"، بمشاركة وحضور معالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز المكلف الدكتور فهد بن عبدالله السماري، وسعادة رئيس جامعة الطائف الأستاذ الدكتور يوسف بن عبده عسيري، وذلك لإلقاء مزيد من الضوء على الأثر الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي أضافته فريضة الحج على مدينة الطائف عبر التاريخ بسبب مجاورتها لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

وقدمت للندوة الدكتورة لطيفة بنت مطلق العدواني المشرفة على مركز تاريخ الطائف، فيما رأسها وأدار محاورها الدكتور مازن بن محمد الحارثي وكيل كلية الآداب في الجامعة، بمشاركة عدد من الأكاديميين والمثقفين، وهم الدكتور منصور الدعجاني، والدكتورة سمر بنت حمدان العبادي، والأستاذ خالد الحميدي.
وافتتحت الندوة بكلمة لمعالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز المكلف الذي أكد على أهمية الندوة لكونها جزءًا من لوحة بانورامية لجميع مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية، مؤكدًا على ما تحظى به الطائف من مكانة مهمة لقربها من مكة المكرمة، ولما لها من ماضٍ عريق، ومساهمة في التاريخ العربي والإسلامي، وأن هذه الجوانب وغيرها يجب أن تطرح على طاولة البحث والدراسة، مشيرًا إلى أهمية البحث في مسألة الربط بين الطائف ومكة المكرمة لوجود علاقة متينة بين المكانين، بما في ذلك دراسة رحلة الحج التي تشكل الطائف محطة رئيسة فيها، لمعرفة دور الإنسان في الطائف في خدمة شعيرة الحج من جميع النواحي.
ثم ألقى سعادة رئيس جامعة الطائف كلمة شكر فيها مركز تاريخ الطائف والمشاركين والمشاركات في الندوة لما بذلوه لتقديم المعلومة التاريخية عن جانب مهم من تاريخ المحافظة التي أكد على أنها تستحق كل الاهتمام لكونها البوابة الشرقية للأماكن المقدسة وبيت الله الحرام.
قوافل الحج:
بدأت المداولات على محاور الندوة بمحاضرة للدكتور منصور الدعجاني الذي تطرق لموضوع "قوافل وطرق الحج المارة بالطائف ومواقيتها"، مشيرًا إلى وجود طرق رئيسة للحج تمر عبر الطائف، وهي درب الحج العراقي الذي ينقسم إلى قسمين هما درب زبيدة المنطلق من بغداد، ودرب الحج البصري الذي يبدأ من البصرة، ويسلك هذين الدربين حجاجُ العراق وفارس والديلم وبخارى وما وراء النهر وبقية بلاد المشرق وقارة آسيا، ويبلغ طولهما حوالي ١٣٠٠كم، تقطعها القوافل في شهر واحد، حيث يلتقيان في القصيم، ومن هناك يتكون طريقان أحدهما يتجه إلى المدينة والآخر إلى مكة، وهناك طريق الحج اليمني الذي يمر بالطائف من خلال دربين ينطلقان من صنعاء وحضرموت. فيما ذكر د. الدعجاني أن الطريق الذي يأتي من ناحية نجد والأحساء، وهو طريق كان له دور في ربط شرق الجزيرة العربية بغربها وكانت الطائف من محطاته الرئيسة، مشيرًا إلى دور قوافل العقيلات والقوافل الأميرية في قطع دروبه، عرج المحاضر بعد ذلك إلى مواقيت الحج في الطائف وهي: ميقات قرن بالسيل الكبير والمعروف تاريخيًّا بـ "قرن المنازل"، ويحرم منه حجاج نجد وحجاج الشرق كله، وميقات قرن بوادي محرم، وميقات "ذات عرق"، وهو ميقات أهل العراق، وفصّل في سرد المعلومات حول تلك المواقيت.
اقتصاد الحج:
انتقلت أطروحات الندوة بعدها إلى مسألة: "أثر الحج في النشاط الاقتصادي في الطائف"، والذي تولت الدكتورة سمر بنت حمدان العبادي استنطاق مكنوناته من المصادر التاريخية، حيث أشارت إلى أهمية موقع الطائف المجاور لمكة بحيث تمكنت من تسويق منتوجاتها الزراعية والصناعية منذ عهود ما قبل الإسلام، كما أنها كانت جاذبة لأثرياء مكة بسبب جوها البارد فاتخذوها مصيفًا لهم، مما نتج عنه تكامل وارتباط بين المدينتين يظهر جليًّا في موسم الحج، ونتج عنه أهم أسواق العرب في حينها وهو "سوق عكاظ"، مسهبة في سرد معلومات تفصيلية عن ذلك السوق، كما تطرقت لإشراف الطائف على عدد من أهم الطرق التجارية في الجزيرة العربية والتي شكلت فرصة لتسويق البضائع والمنتجات والخدمات لرواد تلك الطرق، يضاف إلى ذلك امتهان الحجاج العديد من الحرف لدى بقائهم في الطائف مما أثرى مجمل الحياة الاقتصادية هناك، وهو وضع استمر إلى العهد السعودي الذي مهد الطرق الحديثة، وجعل من الطائف ملتقى لها في المملكة العربية السعودية، يضاف إلى ذلك الاهتمام المبكر بتوفير النقل الجوي منذ بدايات تأسيسه في المملكة.
محطة الحج:
المحور الثالث والأخير للندوة جاء تحت عنوان "الطائف محطة بعض قوافل الحج" واستعرض فيه الأستاذ خالد الحميدي الانطباع العام لأهالي الطائف عند حلول موسم الحج، ومظاهر التقاء الأهالي بالحجاج، ومشاعر الحجاج لدى وصولهم سواء قبل أو بعد الموسم، معتمدًا في ذلك على روايات الرحالة الحجاج، وعلى المصادر والمراجع التي تطرقت للموضوع، مضيفًا معلومات قيمة يختزنها بحكم أعماله الإعلامية التي كان للطائف النصيب الأوفر منها، حيث فصَّل في أسماء الطرق والأماكن في الطائف التي كانت شاهدة على ذلك الاحتفاء الذي قدمته تلك الأرض وإنسانها للقادم إليها من شتى الأصقاع.
بعد ذلك انتقلت الندوة لتلقي المداخلات والأسئلة التي أضافت إثراء إضافيًّا لقيمتها العلمية.
يذكر أنه يمكن الرجوع إلى التسجيل الكامل للندوة من خلال الدخول على قناة دارة الملك عبدالعزيز في موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" أو من خلال الرابط التالي: 

https://www.youtube.com/watch?v=rib-l-7q3Ps