ورشة العمل (الرواية التاريخية): التاريخ غني بالإبداع

عوّل المشاركون في ورشة العمل التي نظمتها دارة الملك عبدالعزيز مساء أمس الأحد بعنوان (الرواية التاريخية بين المؤرخ والروائي) على قدرة الدارة في النهوض بمشروع مستمر وشمولي وذي مرجعية مؤسساتية حول تفعيل الرواية الأدبية التاريخية كمًّا ونوعًا لزيادة المحتوى التاريخي والأدبي على حد سواء ، واتفق المشاركون من الجنسين على ضرورة التقارب بين المؤرخين والروائيين والتحاور بينهما وإجابة الأسئلة المتعلقة بكل طرف منهما للآخر بشكل يدعم الإنتاج الأدبي في هذا النوع من الأدب، وكذلك في تقديم صيغ جديدة وعصرية للتاريخ الوطني السعودي وتاريخ الجزيرة العربية عبر الأطوار المختلفة  أكثر تشويقًا وإثارة خاصة في ظل تصاعد إقبال الشباب السعودي على قراءة الرواية كفنٍّ ومتعة وثقافة .

وقال معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري الأمين العام المكلف للدارة في تقديمه للمشروع للمشاركين وللوسطين الثقافي والعلمي ذي العلاقة: إن المشروع حالياً في بداياته ، وإن «توجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بالاهتمام بالجانب القصصي في تقديم التاريخ الوطني للجيل الجديد وبلغة عصرية ألهم الدارة ممثلة في برنامج أنتمي بفكرة مشروع مؤسساتي لتنشيط الكتابة للرواية الأدبية التاريخية التي تعتمد على المادة التاريخية وما فيها من جمال ومكامن للقص»، وأضاف: «إن هذه الورشة خطوة أولى نحو هذا المشروع بهدف استقطاب الآراء المختلفة والتصورات المستقبلية والمحددات المهمة لمثل هذا العمل العلمي الأدبي، كون المشروع محفزًا للروائيين في تقديم أفكار جديدة لرواياتهم ومسار جديد، وكأفق جديد للمؤرخين والباحثين في تغيير تناولهم للحدث التاريخي والمخزون التراثي، وبعقلية حديثة لكسر العلاقة الجافة بين المتلقي العصري والمادة التاريخية العلمية الثقيلة، وذلك في ظل النقص الحاد للرواية الأدبية التاريخية في المملكة العربية السعودية بالرغم من نتشارها عالميًّا، وتألقها في كسب الجوائز عالميًّا وفي مختلف الثقافات».

وقدم معالي الدكتور فهد السماري شكره إلى هيئة الأدب والترجمة والنشر لتعاونها التام مع توجهات المشروع ومنتجاته المخطط لها لدعم المحتوى الروائي المحلي ، وفي ظل ما تشهد  وزارة الثقافة من نهوض متميز وجهود متفردة للرقي بالحركة الأدبية والثقافة، وأكد: «أن دور الدارة هو العناية باستمرار المشروع بتشجيعه بالوسائل المختلفة دون فرض قيود أو توجيهات أو تحديد اشتراطات إلا ما اتفق عليه على المستوى العام من الاشتراطات الثابتة»، مؤكدًا أن الدارة حريصة على استقبال كل الآراء والتصورات والأفكار من الجميع لدعم هذا المشروع الذي يتضافر من مناخ الشفافية والمرونة التي تعيشها بلادنا في ظل رعاية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.

وأكد الأستاذ فيصل السرحان على أن المشروع يسعى إلى إنشاء قاعدة معلومات أدبية وعلمية تخدم الجانب الروائي والحركة البحثية التاريخية بما يدعم المحتوى العربي ويفعّل من التأليف الروائي، كما أنه يستهدف الروائيين المنتجين المعروفين في فن الرواية، والروائيين المبتدئين الموهوبين، ومن لديه الرغبة في الكتابة الروائية على حد السواء، وأن هذه الورشة للتقريب بين المؤرخ بسمته العلمي والروائي بأفكاره الخيالية.

وفي مداخلة له قال الدكتور معجب العدواني: «إن النقص الكمي والنوعي في الرواية الأدبية التاريخية واضح ويثير شجون المهتمين بالأدب والتاريخ، وإنه يمكن صناعة جسور لنقطة التقاء بين المؤرخ والكاتب الروائي بتفعيل مصطلح "التخيل التاريخي" ومتطلباته وقناعة الطرفين به كونه يلبي الرسالة النهائية للمؤرخ وفكرة الروائي القائمة غالبًا على المخيال». وأرجع الدكتور العدواني تأخر الإنتاج للرواية الأدبية التاريخية إلى «ضعف النماذج المنتجة حتى الآن لكونها تعتمد على السردية المحضة والعادية في علاقات الرواية الداخلية، وأن بوادر هذا المشروع ستقصر المسافة بين المؤرخين والروائيين بما يخدم القيمة العلمية والإبداع الروائي خاصة إذا ما أدركنا أن أغلب الروايات الفائزة بالجوائز الثقافية والروائية في العالم هي روايات تعتمد على التاريخ كقاعدة وروح».